التحفيز العصبي لعقدة الجذر الظهري: علاج الألم بعد العمليات الجراحية

يُعتبر الألم المزمن بعد العمليات الجراحية أحد أكبر التحديات الطبية التي تواجه الأطباء والمرضى على حد سواء، خصوصًا بعد إجراءات شائعة مثل جراحة إصلاح الفتق. ففي حين أن الألم الحاد الناتج عن العملية غالبًا ما يختفي خلال أسابيع، قد يستمر الألم المزمن (Chronic Postoperative Pain - CPOP) لدى بعض المرضى لفترات طويلة، مسبّبًا لهم معاناة جسدية ونفسية. وتشير الدراسات إلى أن ما بين 10% و30% من مرضى إصلاح الفتق يعانون من هذا النوع من الألم، بينما يعاني 2% إلى 6% منهم من ألم شديد يؤثر على جودة حياتهم بشكل كبير.

رغم الاعتماد على الأدوية التقليدية مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) أو المسكنات الأفيونية، فإن هذه الوسائل لا تُظهر فعالية كافية في حالات الألم العصبي المزمن. وهنا تبرز تقنية التحفيز لعقدة الجذر الظهري (DRG stimulation) كحل علاجي متقدم، يعتمد على تعديل الإشارات العصبية وتقديم تسكين دقيق للألم، ويُعد خيارًا واعدًا ومتاحًا اليوم في السعودية.

 فهم طبيعة الألم بعد الجراحة

يُقسم الألم الناتج عن العمليات الجراحية إلى نوعين رئيسيين: ألم حاد وألم مزمن. الألم الحاد يظهر نتيجة مباشرة للضرر في الأنسجة، بينما يظهر الألم المزمن نتيجة تغيرات معقدة في الجهاز العصبي تشمل:

• فرط الاستثارة العصبية.

• آليات حسية مركزية محيطية.

• عوامل نفسية مصاحبة.

 ألم ما بعد جراحات الفتق:

تُعتبر جراحات الفتق من أكثر الإجراءات شيوعًا عالميًا، وخصوصًا الفتق الإربي الذي يصيب منطقة الفخذ. وعلى الرغم من التطورات في الجراحة بالمنظار والروبوت، إلا أن نسبة كبيرة من المرضى يُعانون من ألم مزمن بعد العملية، وقد يكون السبب:

• إصابة الأعصاب أثناء الجراحة (مثل الأعصاب الحرقفية-الأربية أو التناسلية-الفخذية).

• الضغط العصبي الناتج عن تركيب الشبكات الجراحية.

• تحسس الجهاز العصبي المركزي.

هذه العوامل تجعل الألم ذا طبيعة عصبية يصعب التحكم فيه بالأدوية التقليدية، مما يجعل التحفيز لعقدة الجذر الظهري خيارًا فعالًا.

 ما هو التحفيز لعقدة الجذر الظهري؟

التحفيز لعقدة الجذر الظهري هو نوع من العلاجات التداخلية التي تعتمد على إرسال نبضات كهربائية خفيفة إلى عقدة الجذر الظهري—وهي منطقة حيوية تنقل الإشارات الحسية إلى النخاع الشوكي. من خلال هذا التعديل العصبي، يمكن تقليل نشاط الخلايا العصبية المسؤولة عن نقل إشارات الألم.

 آلية التأثير:

تُعد عقدة الجذر الظهري "بوابة" رئيسية في معالجة الألم، وبتحفيزها كهربائيًا يمكن تحقيق ما يلي:

• تهدئة النشاط العصبي المفرط داخل العقدة.

• منع انتقال إشارات الألم من الطرف المصاب إلى الجهاز العصبي المركزي.

• استهداف دقيق لمناطق الألم، ما يمنح العلاج دقة أكبر مقارنة بتحفيز الحبل الشوكي التقليدي (SCS).

 مميزات استخدام التحفيز لعقدة الجذر الظهري

هذا النوع من العلاج يقدم مجموعة من الفوائد مقارنة بالوسائل الأخرى، أبرزها:

• استهداف دقيق للألم في المنطقة المصابة دون التأثير على مناطق أخرى.

• فعالية ملحوظة في الألم العصبي الناتج عن إصابة الأعصاب.

• الحد من استخدام الأدوية، وخاصة الأفيونات التي قد تسبب الإدمان.

• نتائج طويلة الأمد في تخفيف الألم وتحسين جودة الحياة.

• أمان عالي مع معدلات منخفضة جدًا من المضاعفات.

 استخدام تقنية التحفيز لعقدة الجذر الظهري بعد جراحة الفتق

تشير التجارب إلى أن التحفيز لعقدة الجذر الظهري يُعد خيارًا فعالًا في الحالات التالية:

• الألم الناتج عن إصابة الأعصاب أثناء الجراحة.

• التهاب الأعصاب نتيجة تفاعل الجسم مع الشبكات الجراحية.

• فرط التحسس المركزي الناتج عن الألم المزمن.

ويكون التأثير ملموسًا خصوصًا في استهداف مناطق الألم الدقيقة مثل الأعصاب L1-L2 في حالات الفتق الإربي.

 الأدلة السريرية لتقنية التحفيز لعقدة الجذر الظهري

وبعد النتائج الواعدة التي سجلتها التجارب السريرية واسعة النطاق، تسلط التقارير الحديثة الضوء على فعالية هذه التقنية في حالات معقدة ومزمنة، مثل آلام ما بعد الجراحات أو آلام الفتق العصبي.

 دراسات حديثة:

• دراسة ACCURATE: أظهرت نتائجها أن 74.2% من المرضى الذين خضعوا لتحفيز عقدة الجذر الظهري شعروا بتخفيف الألم بنسبة تزيد عن 50%، مقارنة بـ 53% فقط في تحفيز الحبل الشوكي.

• حالات سريرية في آلام الفتق (2021): أظهرت انخفاض متوسط الألم بنسبة 70% لدى مرضى يعانون من ألم عصبي مستعصي بعد الجراحة.

 الأمان والاستمرارية:

• العلاج يتمتع بسجل أمان ممتاز.

• تخفيف الألم يستمر لسنوات، ما يجعله خيارًا طويل الأمد في إدارة الألم المزمن.

 التحديات والتوجهات المستقبلية لتقنية التحفيز لعقدة الجذر الظهري

رغم الفوائد الكبيرة، لا تزال هناك بعض التحديات مثل:

• تكلفة العلاج الأولية.

• اختيار المرضى المناسبين للعلاج بدقة.

• الحاجة إلى خبرة تقنية عالية من قِبل الأطباء المختصين.

وتتركز الجهود البحثية حاليًا على:

• توسيع استخدام التقنية في حالات مختلفة من الألم المزمن.

• تطوير أجهزة أكثر دقة وسهولة في الزرع.

التحفيزالتحفيز لعقدة الجذر الظهري يُعد من أكثر العلاجات فعالية وأمانًا للتعامل مع الألم المزمن بعد عمليات إصلاح الفتق، خاصة في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية. في المملكة العربية السعودية، بدأت مراكز متقدمة بتبني هذا النهج لعلاج المرضى، مما يمنح الأمل لآلاف الأشخاص في التخلص من الألم المزمن واستعادة جودة حياتهم.

إذا كنت تعاني من ألم مستمر بعد جراحة فتق أو تفكر في الخضوع لها، فقد تكون تقنية التحفيز لعقدة الجذر الظهري هي الحل الأمثل لتقليل الألم وتحسين جودة حياتك. ويُعد الدكتور محمد قورة من أبرز المتخصصين في هذه التقنية داخل المملكة، حيث يتميز بخبرة واسعة في تنفيذها بأعلى معايير الدقة والأمان، مما يجعله من أفضل الأطباء في مجال علاج الألم التداخلي بدون جراحة